- saed alakkad
- 10:58 م
- المتحف في الاعلام
- لاتوجد تعليقات
عاشق الآثار .. يناضل ضد المحتل بسلاح التاريخ
حول منزله في خان يونس إلي متحف
حول منزله في خان يونس إلي متحف
*العقاد: الموت وحده سيضع حداً لشغفي بالآثار والتراث ولن أتوقف عن البحث والتنقيب
*أقسام في متحف العقاد تسافر بها عبر العصور من البيزنطي والروماني والإسلامي
*استشعار التراث الفلسطيني في قسم التراث بوجود الربابة واليرغول والشبابة
غزة - حازم بعلوشة:
تعتبر المكتشفات الأثرية سجلا تاريخيا حقيقيا الذي لا يقبل مجالا للتشكيك علي ارتباط الفلسطيني بأرضه، ومع إدراك الدولة العبرية لأهمية الآثار الفلسطينية، عكفت منذ احتلالها لفلسطين التاريخية علي سرقة الآثار، في محاولة لتزييف التاريخ، وإيجاد ما يبرر وجودها علي أرض فلسطين.ومن هنا جاءت محاولات الفلسطينيين للحفاظ علي الآثار والتراث الفلسطيني من السرقة، ومع ضعف الإمكانات الرسمية، برزت محاولات فردية لحفظ الآثار من خلال التنقيب، والاحتفاظ بالآثار بعيداً عن محاولات التزييف، حتى أن بعض المهتمين بهذا المجال يصنفون عملهم كأحد أشكال النضال الوطني.. ومن هؤلاء وليد العقاد الذي يطلق عليه الفلسطينيون لقب عاشق الآثار .وحوّل العقاد منزله الريفي في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة إلي متحف للتراث والآثار..وأضفت البساطة علي المكان رونقاً، لكن مقتنيات المتحف توحي للمتجول بأنه يتنقل بين عصور مختلفة، فعلي امتداد الممر المؤدي إلي المتحف من الداخل تجد الأعمدة الأثرية التي يعود تاريخها للعصر البيزنطي والروماني والإسلامي.وفي داخل المتحف كان عاشق الآثار جالساً يتنفس من عبق التاريخ، ويسافر مع تاريخ كل قطعة أثرية إلي زمنها الذي ربما يتمني في داخله أن يسافر حقا إليه.. ويقول العقاد أن عشقه للآثار والتراث بدأ منذ سنوات طويلة، بدأ من عشقه الفطري لكل ما هو قديم، علي اعتبار أن من لا ماضي له لا يمكن أن يكون له حاضر أو مستقبل.. وشيئاً فشيئاً دفعته الغيرة الوطنية علي التراث الفلسطيني إثر محاولات الاحتلال طمس التاريخ الفلسطيني ومحاولة سرقته بما يخدم المخططات الصهيونية، إلي العمل بمبادرة ذاتية علي حماية التراث كأحد أشكال النضال الوطني، الذي لا يقل أهمية عن بذل الروح في سبيل الوطن، كون الآثار الفلسطينية الشاهد الأكبر علي ارتباط الإنسان بأرضه ووطنه.
اطلاع ومتابعة واهتمام فقط
ولم يدرس العقاد علم الآثار أو حتى التاريخ في الجامعات، غير أن مطالعاته الدائمة مكنته من الاستفاضة في شرح تاريخ كل قطعة أثرية في متحفه الشخصي.. فهذا العمود من العصر الروماني، وذاك من العصر العباسي، وهذه طاحونة مصنوعة من صخور البازلت كانت تستخدم في عصر الزيتون يعود تاريخها إلي الفي عام، إلي جانب مئات القطع الأثرية التي تعبر كل منها عن تاريخ وحضارة مرت بأرض بفلسطين.وانشيء متحف العقاد بجهود ذاتية خالصة، ويقع في مكان صغير يؤدي إليه طريق ترابية لا ترقي للقيمة التاريخية التي تشكلها القطع الأثرية الموجودة فيه... ويقول العقاد أن القطع الأثرية التي يمتلكها في متحفه لا تقدر بثمن فهي تمثل التاريخ الفلسطيني عبر عصور وحضارات عديدة مرت بهذه الأرض وأثرت فيها وتركت دليلا عليها.. وهي جزء من آثار كثيرة لا تزال في باطن الأرض في انتظار من يكشف عنها ويعطيها حقها من التعريف والتأريخ.وحرص العقاد علي إعادة زوار المتحف إلي حقبة ما قبل إقامة إسرائيل، فأقام أمام المتحف بيتاً مصنوعاً من شعر الماشية، الذي كان يسكنه الإنسان الفلسطيني قديماً، وفي داخله وضع كل الأدوات التي كانت شائعة الاستخدام آنذاك كالفرش المصنوعة من شعر الأغنام، وحبال مصنوعة من سعف النخيل، وأدوات القهوة العربية مثل المحماسة ودلة القهوة النحاسية.. وفي الداخل ليس هناك حاجة للتدخل البشري فكل شيء يجلك تتلمس عبق التاريخ وعمق الانتماء لفلسطين.
أقسام المتحف
وتنقسم محتويات المتحف إلي قسم للآثار وآخر للتراث، وضمن الجزء الخاص بالآثار هناك ركن خاص بالآثار الرومانية التي تعود إلي ما قبل الميلاد، وأشار العقاد إلي جزء من حجر رخامي يبلغ طوله 90 سم يعود إلي قبر روماني مع حجر شاهد للقبر عليه نقوش وزخارف هندسية مع بقايا الجثة التي كانت موجودة في القبر، إضافة إلي قسم خاص بالنقود والعملات القديمة.وفي ركن آخر توجد مجموعة من الجرار والأباريق والسراج من العهد الروماني، وآثار تعود للعهد البيزنطي بينها تاج، وأعمدة رخامية كانت تستخدم في بناء القصور، وعينة من النقود البيزنطية.ويحتوي المتحف علي قطع أثرية تعود للعهدين التركي والعباسي، ونماذج لأنواع من الأسلحة الآلية القديمة، التي استخدمها الفلسطينيون في مراحل النضال المختلفة ضد المحتلين، وكمية من الذخائر التي يعود تاريخ تصنيعها كما هو مبين في نقوشها إلي عام 1901.وفي قسم التراث، يمكن للمتجول أن يستشعر التراث الفني الفلسطيني، من خلال الأدوات الموسيقية كاليرغول والربابة والشبابة.. وعلي مقربة منها الأدوات الزراعية التقليدية كالمنجل والمحراث والهوجل والمدراة، وقال العقاد إن عشقه للآثار جعله دائم البحث والتنقيب عن الآثار في كل مكان، فضلاً عن سعيه إلي شراء قطع أثرية كانت بحوزة أشخاص وضمها إلي المتحف، وبدا التأثر واضحاً علي العقاد وهو يقول كثيراً ما فضلت شراء قطع أثرية علي شراء الطعام لأسرتي، كي أحافظ عليها واحميها من السرقة، أو أن تباع للاحتلال .
اهتمام الاحتلال أثار اهتمامي
وعاد العقاد بذاكرته خمسة وعشرين عاماً إلي الوراء، وقال إنه استشعر أهمية الآثار والتراث بعد تجربة شخصية عايشها بنفسه عندما اقتحمت قوة إسرائيلية منزل عائلته لاعتقال أحد أشقائه، وحين وقعت عينا الضابط الإسرائيلي علي حجر يعود للعهد البيزنطي كان والده قد أحضره من وسط فلسطين، أمر جنوده بنقل الحجر الأثري معهم وكأنه أمر اعتقال إضافي إلي جانب اعتقال شقيقه، ومنذ ذلك الحين يشير إلي أنه أيقن قيمة هذه الآثار وأهمية الحفاظ عليها من السرقة، متمنياً علي كل فلسطيني أن يهتم بتراث بلده.. واحتضن العقاد قطعة أثرية بين ذراعيه قبل أن يقول: الموت وحده سيضع حداً لشغفي بالآثار والتراث ولن أتوقف عن البحث والتنقيب طوال سنوات عمري المتبقية، فالنضال لا يتوقف ولا يرتبط بزمن أو مرحلة عمرية .
* نشر في جريدة الراية القطرية / الاثنين28/5/2007 م .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق